مقالة من مقالات كتاباتي هذا العام...
ركود الحالة العلمية والإجتماعية والسياسية في مصر والشام قبل القرن التاسع عشر
كانت النهضة العربية حركة فكرية وثقافية تستهدف إصلاح حال البلاد العربية المتأخر بالمقارنة إلى بلاد الغرب. تختلف أصول النهضة من وجهات نظر مؤرخين مختلفين. يقول الفرنسيون إن النهضة بدأت عندما احتل جيش نابليون مصر في عام ١٧٩٨، ولكن يختلف المؤرخون المصريون. يجادل المصريون بأن بداية تاريخهم الحديث عندما أصبح محمد علي حاكم مصر. بغض النظر عن الفترة التي بدأت فيها النهضة، ليس هناك شك بأن حال العرب قبل القرن التاسع عشر كان راكدا في جميع أبعاد العلوم والمجتمع. هذه النقطة الأخيرة هي أساس موضوع هذه المقالة.
أسباب ركود العرب قبل القرن التاسع عشر مختلفة:
أولا، تدخل العثمانيين في شئون العرب أثر على الحياة العلمية بشكل سلبي في مصر والشام. يكتب جمال الدين الشيال أن انتقال الخلافة الإسلامية إلى القسطنطينية سبب جمود الحركة العلمية في مصر والشام. بسبب موقعها كعاصمة الدولة العثمانية وعرش السلطان، اجتذبت القسطنطينية افضل علماء العالم الإسلامي. علاوة على ذلك، كانت التركية لغة التأليف في العلوم بدلا من العربية. إذن، أصبح ضياع المفكرين نتيجة هجرتهم إلي عاصمة الإمبراتورية العثمانية. بالإضافة إلى ذلك، إنقطاع الصلة بين العالم العربي وبين العالم الخارجي ساهم في ركود العرب.
ثانيا، وضع البلاد العربية الداخلي كان كذلك كئيبا. تميز حكم المماليك في مصر بإستغلال السلطة والمنافسات الحربية بين البكوات من إجل القوة والثروة. نتيجة هذه المنافسات غير شرعية كانت ظلم الشعب وحالة رعب في مصر. مصدر أخر للركود في العلوم داخل البلاد العربية هو الإهتمام البالغ بالعلوم الدينية والنقلية وعدم الإبتكار في العلوم العقلية والرياضية. في ذلك الوقت، كان جامع الأزهر أكبر معهد علمي في مصر. يعتمد الأزهر وجميع المدارس والمساجد الأخرة في مصر على تقنيات تعليم تقليدية. عندما استفهم الوالي العثماني أحمد باشا عن حالة العلم في مصر، فأجابه شيخ الأزهر بأن العلوم الرياضية تحتاج إلى "أدوات وشروط ولوازم وصناعات لا بد من الحصول عليها للتقدم في هذه العلوم." يدل غياب وسائل المعرفة عن هذه العلوم على حالة التخلف في مصر في ذلك الوقت.
إذن، ركود العالم العربي كان بسبب التدخل العثماني في شؤن العرب، والحكم الفاسد تحت سلطة المماليك، وعدم إهتمام نظام الدراسة التقليدي بتطوير المنهج لإدراج العلوم العقلية. إذن، ما هي الأشياء التي انجبت النهضة؟ من وجهة نظري، برغم أن الحملة الفرنسية كانت تستهدف مصالح نابليون الإمبريالية، فتحت الحملة عيون المصريين وجعلتهم يدركون أهمية التحديث. ربط مشروع الديوان العلماء الفرنسيين مع نظرائهم المصريين. يكتب سواعي أن نتيجة الديوان الإجابية هي إنها أعطت "العلماء في مصر ونظائرهم من الفرنسيين الفرصة لعلماء الشرق أن يعوا أمورا كثيرة كانت تدور آنذاك في الميادين العلمية في الدول الأوروبية المتقدمة." هذا الإتصال الحضاري جعل العلماء والمفكريين المصريين أن يفكرون كيف ممكن بناية مستقبل أفضل للشعوب العربية. إذن، من هذا المنظور، يمكن لنا أن نحدد أصول اليقظة العربية منذ التفاعل بين المصريين والفرنسيين حين احتل جيش نابليون مصر.
برغم إنشاء فكرة تحديث مصر والعالم العربي أثناء الإحتلال الفرنسي في مصر، بدأ تنفيذ هذه الفكرة تحت حكم محمد علي. كان محمد علي يريد أن يتنافس مع العثمانيين للسيطرة علي الأراضي الإسلامية. رؤية الحاكم الألباني كانت أن يقوي جيش مصر من أجل التعليم والتحديث والتصنيع. أدرك محمد علي أن قوة الغرب تأتي من إندماج العلوم والجيش. إذن، بعث محمد علي مجموعة من الطلاب المصريين إلى باريس للحصول على علوم لها علاقة بصناعة الاسلحة الحربية الحديذة. كان هدف محمد علي بناء جيش مصري حديث و قوي. شهد مشروع تحديث مصر أول مطبعة تطبع بالعربية وترجمة كتب من الفرنسية إلى العربية. علاوة على ذلك، أنشأ محمد علي كثيرا من الأكاديميات الحربية والبحرية. وبالإضافة إلى ذلك، شهدت مصر إصلاحات زراعية، وصناعية، وتعليمية، وطبية. برغم أن هدف محمد علي الأساسي كان تحسين الجيش المصري، ساعدت سياساته في حركة انفتاح مصر والنهضة العربية بشكل عام. إذن، يمكننا أن نستنتج بأن مصادر النهضة متنوعة وأن تأثيرها على الشعوب العربية كان إجابيا علي مستوايات مختلفة.